نفحات من احب الله
أخواني وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
هذه نفحات من حب الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي اسكن عباده هذه الدار , وجعلها لهم منزلة سفر من الإسفار , وجعل الدار الآخرة هي دار القرار ,
فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار , احمده سبحانه على نعمه الغزار , واشكره وفضله على من شكره مدرار ,
واشهد أن لا اله إلا الله الواحد القهار , واشهد ان محمدا عبده ورسوله النبي المختار , أصلي عليه صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار
وبعد يا أيتها الوجوه المشرقة النيرة الصباح , ويا أيتها القلوب المفعمة حبا بالله وبكتاب الله ورسول الله ,
يا أيتها الوجوه التي إن كنت قد أحسنت فيها قولا فإنما هو قول إني أحبكم في الله , محبة اختصها لي ولكم لنفوز بمحبة الله , فيا ربنا يا ربنا يا ربنا أحبنا .
وبعد أخواني و أخواتي الكرام
فإننا كثيرا ما نسمع عن حب الدنيا , وحب الهوى وحب الأهل والأولاد , كثيرا ما تخفق قلوبنا شوقا إلى هذا وحبا إلى هذا وعشقا إلى ذاك , كثيرا ما تسهر عيوننا شوقا للحبيب , وأي حبيب , حبيب الدنيا ونغفل , نغفل عن ماذا , نغفل عن حب هو اجل وأعظم ورفع حب في الوجود , حب يفوق كل حب موجود , حب , الأحرى لقلوبنا إن تنفطر ولعيوننا إن تنطفئ ولمقلتينا إن تجف .
فمن يكون هذا المحبوب , ولمن يكون هذا الحب المرغوب ,انه حب الله تعالى , حبي الله الذي يجب أن يكون مستقرا في نفس كل مؤمن , ومؤمنة, في قلب كل مؤمن , ومؤمنة يشهدون إن لا اله إلا الله .محبة الله تعالى , التي يوم أن تستقر في قلوب المؤمنين , والمؤمنات تحلق بهم حيث أشواق المحبين .
محبة الله عز وجل , لما اخبر تعالى عن أوليائه الصادقين , وعباده الصالحين بأنه يحبهم ويحبونه , وهو خبر تهش له نفس المؤمن , والمؤمنات, ويشتاق إليه قلب الولي ,والعجيب قوله يحبهم فهو الذي,خلقهم ورزقهم وأطعمهم واسقاهم وكفاهم ثم أحبهم , وهو الذي رباهم وهداهم وعلمهم وألهمهم وأرشدهم ثم أحبهم ,وهو الذي انزل عليهم الكتاب وأرسل إليهم الرسل ثم أحبهم , فيا له من فضل عظيم وعطاء جسيم من رب العالمين .
محبة الله عز وجل ,
تعالوا أخواني و أخواتي نعيش دقائق مع حب الله عز وجل , تعالوا معي دقائق نشتاق فيها لله عز وجل , نعيش المحبة الصادقة , محبة الله , لكن في البداية دعونا نتحدث عن محبة الله عز وجل لعبادة , الله الملك الغني يحب عباده الذي خلقهم بيديه .
أخواني وأخواتي تأملوا معي هذا الحديث :
انأ عند ظن عبدي بي , وأنا معه إذا ذكرني , فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , وان ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منه , وان تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا,وان تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا و وان أتاني يمشي أتيته هرولة
الله اكبر على هذه المحبة , بربكم أخواني و أخواتي أليس هذا حب , حب الله عظيم لعباده فما بال حبنا لله عز وجل
ما بال قلوبنا لا تتفطر حبا له , وهو الذي خلقنا ورزقنا وأغدق علينا بالنعم العظيمة , لو سألتكم أخواني وأخواتي , هل تحبون الله عز وجل , لقلتم نعم , طبعا وكيف لا نحبه , تظنون أن الحب كلمة , إن كنتم تحبونه حقا فأجيبوه
ما مدى حبكم للقاء الله عز وجل ,وما مدى شوقك للقاء الله يوم ان ينادي المنادي حي على الصلاة حي على الفلاح هل يطير قلبك شوقا لذاك , وما هو مدى سعادتك بالسجود بين يدي الله ,هل بكيت يوما شوقا الى الله , هل حنت أنفسكم يوما للقاء الله ,هل بكيتم حبا لله , أم إن كم تظنون أن الحب كلمة , ليتنا نحبه كما يحبنا , ليتنا نشتاق إليه كما يشتاق إلينا ,
تأملوا في هذا الحديث :
روي عن بعض السلف أن الله أوحى إلى بعض الصديقين وقيل داوود , إن لي عبادا يحبوني وأحبهم , ويشتاقون إلي واشتاق إليهم , ويذكروني واذكرهم , وينظرون إلي وانظر إليهم , فان حذوت حذوهم أحببتك وان عدلت مقتك .
قال يا رب وما علاماتهم :
قال يراعون الظلال بالنهار كما يراعي الراعي الشفيق غنمه, ويحنون إلى غروب الشمس كما يحن الطائر إلى وكره عند الغروب ,فإذا جن الليل واختلط الظلام وفرشت الفرش ونصبت الاسره وخلا كل حبيب بحبيبه , نصبوا إلي أقدامهم وافترشوا إلي وجوههم , وناجوني بكلامي وتملقوا إلي بإنعامي , فبين صارخ وباك وبين متاوه وشاك وبين قائم وقاعد وبين راكع وساجد ,بعيني ما يتحملون من اجلي , وبسمعي ما يشتكون من حبي , أول ما أعطيهم ثلاث :
قذف من نوري في وجوههم فيخبرون عني كما اخبر عنهم .
الثانية : لو كانت السموات والأرض في موازينهم لاستقللتها عليهم ,
الثالثة : اقبل عليهم بوجهي , ارايت يا داوود من اقبل عليه بوجهي ما أريد أن أعطيه
وماذا يرضى الله لعباده غير الجنة , الله اكبر على هذا الحب , صدقا لو وقفنا عند هذا الحديث لكفانا درس اليوم ,
أين نحن من هذه المحبه , أين عقولنا وقلوبنا تسمع أخبار هؤلاء المحبين , أم لعل قلوبنا تعلقت بالدنيا ,
أحبت الأموال والأهل والأولاد أكثر ,أن الله يا أخواني ويا أخوتي لا يحب ان تشاركه الدنيا في قلب عبده وحبيبه ,
قال الله تعالى :
( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم واماول اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )
أن المتأمل يا أخواني ويا أخواتي في هذه الآية يشعر بالخوف والرعب من هذا الوعيد الشديد ,
أواني اسأل نفسي وإياكم هل حبنا لله ولرسوله والجهاد في سبيله اكبر من حبنا لهؤلاء الذين ذكروا في الآية الكريمة
الإباء والأبناء والإخوان والزوج والعشيرة , طبعا الكل سيجيب بنعم والذي اسأل الله أن تكون أجابه صادقة لا ادعاء كي لا تكون كالذين قال الله فيهم , فتربصوا حتى يأتي الله بأمره.
أخواني وأخواتي لو سألتكم, سؤالا : لماذا انتم مؤمنين , لماذا أمنتم بالله وأطعتم الله ,فالمؤمنون كما ذكر ثلاثة أنواع
فمنهم من امن خوفا من عذاب الله , ومنهم من امن طمعا بما عند الله , ومنهم من امن حبا لله , وهذا ,الإيمان الأكبر
وهم الذين قال تعالي فيهم : والذين امنوا اشد حبا لله , دعكم أخواني و أخوتي من هوى الدنيا وامني حبا لله
رحم الله من قال :
عرفت الهوى مذ عرفت هواك**وأغلقت قلبي عمن سواك
وبت أناديك يا من ترى** خفايا القلوب ولسنا نراكَ
احبك حبين حب الهوى ** وحبا لأنك أهل لذاك
فإما الذي هو حب الهوى**فشغلي بذكرك عمن سواك
وإما الذي أنت أهل له**فكشفك لي الحجب حتى أراك
فلا الحمد في ذا وذاك لي** ولكن لك الحمد في ذا وذاك
كيف نحب الله :
يقول العلماء :
اعرف الله حتى تحبه
فكلما زادت معرفة العبد لربه زاد حبه لله ,وكلما فكر في نعم الله عليه قوي حبه لربه ,لان النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها , فالإنسان بعقله يؤمن وبقلبه يحب
وقد جاء في الاثر : أرجحكم عقلا أشدكم لله حبا .
أخواني وأخواتي في الله :هل تريدون أن تعرفوا إذا ما كنتم تحبين الله , راقبوا أفعالكم أقوالكم تصرفاتكم , هل تؤثرون الله على هواكم .
جاء في الاثر :
" من أثرني على من سوئي أثرته على من سواه .
من أحب إليك .
صلاتك أم المسلسلات .
صيامك أم المأكولات .
ذكر الله إن ذكر أعراض المسلمين والمسلمات ,
هل إذا دعيتم إلى محاضرة إيمانية تتركون مشاغل الدنيا وتفرون إليها شوقا إلى الله ,ولكي تفوزي حقا بمحبة الله وتكوني من القوم الذين يحبهم ويحبونه عليه بتقوى الله وترك المعاصي ,اتركي المعاصي , اهجري جميع المعاصي .
تعصين الله لأجل من لا يستحق , وتدعين حبه , لا
تعصي الإله وأنت تزعم حبه ** هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لاطعته ** إن المحب لمن يحب مطيع
وقال العلماء :
لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من تعصي .
لا تبالي بالناس , لماذا نراكم تذهبون إلى المنكرات , ارضاءا للناس , وأين رب الناس .
اتركي المعاصي وقولي :
فليتك تحلو والحياة مريرة , وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عام , وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين , وكل الذي فوق التراب تراب
أخواني وأخوتي طيروا شوقا إلى الله.
وهذه نماذج من المحبين :
هذا موسى عليه السلام اسمعوا ما يقول:
وعجلت إليك ربي لترضى
يا رب انأ قادم إليك لترضى عني يا رب ارض عني يا ارحم الراحمين
وهذا إبراهيم عليه السلام :
" إني ذاهب إلى ربي سيهدين .
وجاء في الأثر : أن إبراهيم عليه السلام قال لملك الموت لما جاء لقبض روحه :
" هل رأيت خليلا يميت خليله .
فأوحى الله تعالى إليه
" هل رأيت محبا يكره لقاء حبيبه
فقال يا ملك الموت الآن اقبض .
وهذا حبيبنا عليه الصلاة والسلام أعظم محب لله بل هو حبيب الله , كان يقوم من الليل الكثير فقالت أم المؤمنين أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك فقال أولا أكون عبدا شكورا .
بل لما خير بين الدنيا والرفيق الأعلى اختار لقاء الله فقال : بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى .
وها هو عليه الصلاة والسلام يعلمنا كيف نحب الله في دعائه فكان يدعو :
اللهم ارزقني حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقرب إلى حبك , واجعل حبك أحب من الماء البارد عن الظمأ.
فهيا أخواني وإخوتي نطير شوقا للقاء الله وحبا لله ولنجدد العهد والحب مع الله ولندع مع الشاعر لما قال :
رباه ها انذا خلصت من الهوى**واستقبل القلب الخلي هواك
وتركت انسي بالحياة ولهوها **ولقيت كل الإنس في نجواك
ونسيت حبي واعتزلت أحبتي**ونسيت نفسي خوف إن أنساك
أنا كنت يا رب أسير غشاوة** رانت على قلبي فضل سناك
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي**وبادت بالقلب البصير أراك
يا غافر الذنب العظيم وقابلا** للتوب قلب تائب ناجاك
هذا وصلوا وسلموا على الهاد البشير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الكرام وزوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين